تخطي للذهاب إلى المحتوى

مناهج التعليم البحري

هل نمد أجيالًا راعية بمستقبل المحيط؟
16 يونيو 2025 بواسطة
Tasneem Hassan
لا توجد تعليقات بعد

في زمنٍ تتصاعد فيه نداءات الإنقاذ من أعماق المحيطات، يصبح التعليم البيئي البحري أكثر من مجرد مادة دراسية؛ إنه استثمار في بقاء الكوكب. فبين دفّات الكتب وأروقة الفصول، يُبنى وعيٌ بيئيّ قادر على صون البحار والتعامل مع قضاياها بتفكير نقدي ومستنير. إن مناهج التعليم المعنية بالمحيطات تُعَدّ خط الدفاع الأول ضد الجهل البيئي، وهي حجر الأساس لتنشئة أجيالٍ واعية بمصير هذا الكنز الأزرق.

تعتمد بعض النظم التعليمية المتقدمة على إدماج علوم المحيطات ضمن المقررات الدراسية منذ المراحل الأولى. فعلى سبيل المثال، تشمل مناهج التعليم في دول مثل النرويج واليابان وحدات معرفية عن الدورة البيوجيوكيميائية في البحار، ومخاطر البلاستيك الدقيق، وتغير المناخ البحري. أما على المستوى الجامعي، فتُدرّس تخصصات كـ "علوم البحار"، و"الهندسة الساحلية"، و"الإدارة البيئية البحرية" ضمن مناهج دقيقة تربط النظرية بالتطبيق العملي في الموانئ والمعامل والمشروعات الميدانية.

إلا أن واقع الحال في العديد من الدول النامية، ومن بينها دول عربية، يكشف عن ضعف في إدماج موضوعات المحيطات ضمن المناهج العامة، وغياب المفاهيم البيئية البحرية عن الوعي الطلابي. هذا القصور يُضعف علاقة الطالب بالمحيط ويقلّل من فرص مشاركته الفاعلة في التصدي للأزمات البيئية مثل التلوث، والاحتباس الحراري، وتدهور التنوع البيولوجي البحري.

ويُعَدّ الوعي البيئي لدى الطلاب مؤشرًا بالغ الأهمية لقياس فعالية المناهج التعليمية. فكلما كانت المواد التعليمية مرتبطة بالحياة اليومية والواقع البحري المحلي، زاد إدراك الطالب لدوره كمواطن بيئي مسؤول. على سبيل المثال، تشير دراسات إلى أن الطلاب الذين تلقوا تعليمًا منهجيًا حول النفايات البحرية أظهروا سلوكيات إيجابية ملموسة في تقليل استخدام البلاستيك والمشاركة في حملات التنظيف الساحلي.

ولتحقيق نقلة نوعية في هذا المجال، يمكن اقتراح نماذج تطوير فعالة للمناهج، من أبرزها:

  • إدماج وحدات تعليمية تفاعلية تعتمد على الألعاب التربوية والمحاكاة البحرية.
  • إشراك الخبراء والعلماء المحليين في تصميم الأنشطة الصفية واللاصفية.
  • تعزيز الشراكات بين المدارس والمعاهد البحثية المتخصصة في علوم البحار.
  • تبنّي مناهج متعددة التخصصات تجمع بين العلوم، والاقتصاد الأزرق، والتكنولوجيا البيئية.

في الختام، لا يمكن حماية المحيطات إلا عبر أجيال تمتلك الوعي والمعرفة والمهارة. ومناهج التعليم ليست مجرد أدوات لنقل المعلومات، بل هي وسيلة لغرس قيم الانتماء والالتزام تجاه البيئة البحرية. فهل نمنح طلاب اليوم المفاتيح التي تُمكّنهم من أن يكونوا رعاةً حقيقيين لمستقبل المحيطات؟ الجواب يبدأ من الصف الدراسي

تسجيل الدخول حتى تترك تعليقاً