تخطي للذهاب إلى المحتوى

التنوع البيولوجي البحري

كنوز مهددة بالاندثار
13 يونيو 2025 بواسطة
Hasnaa Ahmed Ismail
لا توجد تعليقات بعد

يُعَدُّ التنوع البيولوجي البحري من أهم الركائز التي تقوم عليها الحياة على كوكب الأرض، إذ تُسهم المحيطات والبحار في توازن النظام البيئي العالمي بما تحويه من تنوّع هائل في الكائنات الحية الدقيقة والضخمة، من نباتات وأسماك وثدييات وشعاب مرجانية. ويغطي هذا التنوع أكثر من ٧١٪ من سطح الأرض، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، ويُعَدُّ مصدرًا حيويًا للأكسجين، والغذاء، والدخل الاقتصادي لملايين البشر حول العالم، فضلًا عن دوره الرئيسي في التكيّف مع التغيرات المناخية.

رغم الأهمية الكبرى لهذا التنوع، فإن العديد من الكائنات البحرية باتت تواجه خطر الانقراض، مثل دلفين «الفاكويتا» الذي لم يتبقَّ منه سوى أقل من عشرة أفراد، وفقًا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، والحوت الرمادي الذي انخفضت أعداده بشكل ملحوظ، والسلاحف البحرية التي تُصنَّف غالبيتها بأنها مهدَّدة بالانقراض. كما أن الشعاب المرجانية تواجه خطر الزوال بنسبة ٩٠٪ بحلول عام ٢٠٥٠ إذا استمرت الانبعاثات الكربونية، كما في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)؛ مما يهدد بانهيار مواطن طبيعية كاملة تعيش فيها آلاف الأنواع.

تلعب الكائنات البحرية دورًا محوريًا في حياة الإنسان، إذ تُعَدُّ مصدرًا رئيسيًا للغذاء، وتوفر البروتين الحيواني لمليارات الأشخاص، وتدعم ملايين الوظائف في قطاع الصيد. كما تُستخدم بعض الكائنات في إنتاج أدوية لعلاج السرطان والأمراض المزمنة، مثل عقار «سيتارابين» المُستخلَص من الإسفنج البحري. وتُسهم المحيطات في تنظيم المناخ وامتصاص ثاني أكسيد الكربون، حيث تمتص نحو ٣٠٪ من انبعاثاته الناتجة عن الأنشطة البشرية، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، مما يُبطئ من وتيرة الاحترار العالمي.

انقراض الأنواع البحرية ينعكس بشكل خطير على الأمن الغذائي، ويؤدي إلى اضطراب سلاسل الغذاء البحرية، مما يضر بالمجتمعات الساحلية ويزيد من معدلات الفقر والبطالة. كما يُضعِف قدرة الإنسان على اكتشاف أدوية جديدة مستخلصة من الطبيعة البحرية، ويؤدي إلى تفاقم آثار التغير المناخي نتيجة تقلص قدرة البحار على امتصاص الغازات الدفيئة.

لحماية هذا الإرث الحيوي، من الضروري توسيع المحميات البحرية وتفعيل آليات الرقابة عليها، وتعزيز ممارسات الصيد المستدام كتلك المُطبَّقة في النرويج وفق معايير منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، والحد من التلوث البلاستيكي والكيميائي في المياه. كما يجب دعم البحث العلمي والتقنيات الحديثة لرصد التغيرات البيئية، وتشجيع جهود إعادة تأهيل الشعاب المرجانية، وتكاتف الجهود الدولية للحد من انبعاثات الغازات الملوثة، كما نصت عليه اتفاقية باريس للمناخ ٢٠١٥.

يبقى الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمجتمعات والأفراد، إذ لا يمكن للبشرية أن تضمن مستقبلها الصحي والغذائي والمناخي دون حماية هذا الكنز الأزرق الذي يمدّنا بالحياة، عبر تبني جهود مثل اتفاقية التنوع البيولوجي (CBD) وأهداف التنمية المستدامة (SDG 14) للأمم المتحدة.

تسجيل الدخول حتى تترك تعليقاً