تخطي للذهاب إلى المحتوى

الشعوب الأصلية ومعرفتها التقليدية بالمحيطات

16 يونيو 2025 بواسطة
Hasnaa Ahmed Ismail
لا توجد تعليقات بعد

المعارف التقليدية للشعوب الأصلية: جسور الحكمة نحو استدامة المحيطات

تُشكّل المعارف التقليدية للشعوب الأصلية نسيجًا متكاملًا من الحكمة العملية والروحية، تُدار من خلاله الموارد البحرية بأساليب تحافظ على توازنها لآلاف السنين. ولا تقتصر هذه الممارسات على حماية البيئة فحسب، بل تُجسِّد رؤية شمولية تربط الإنسان بالطبيعة، مما يجعلها نموذجًا فريدًا للاستدامة.

من النظرية إلى التطبيق: نماذج حيّة من المحيط الهادئ

لطالما مثّلت ممارسات الشعوب الأصلية في المحيط الهادئ برهانًا عمليًا على نجاح المعارف التقليدية. ففي ساموا، يُنظَّم الصيد عبر نظام «رَعْوِي» (Raʻui)، الذي يفرض حظرًا مؤقتًا على الصيد في مناطق محددة لضمان تجدُّد المخزون السمكي. ولا يقتصر دور هذا النظام على تعزيز التنوع البيولوجي، بل يُعيد أيضًا إحياء الروابط الثقافية بين الأجيال والمحيط.

أما في هاواي، فتُعد أحواض الأسماك التقليدية (loko iʻa) مثالًا على التصميم الذكي الذي يسمح بتكاثر الكائنات البحرية. حيث تُطبّق قيود صارمة على الصيد بالتوافق مع الدورات الطبيعية. وقد أثبتت هذه الأحواض – بعد ترميمها – قدرتها على دعم الأمن الغذائي مع الحفاظ على النظم البيئية الساحلية.

أما في هاواي، فتُعد أحواض الأسماك التقليدية (loko iʻa) مثالًا على التصميم الذكي الذي يسمح بتكاثر الكائنات البحرية. حيث تُطبّق قيود صارمة على الصيد بالتوافق مع الدورات الطبيعية. وقد أثبتت هذه الأحواض – بعد ترميمها – قدرتها على دعم الأمن الغذائي مع الحفاظ على النظم البيئية الساحلية.

حوار المعارف: التقليدية والعلمية وجهان لعملة واحدة

رغم اختلاف المنهجين – التقليدي والعلمي الحديث – إلا أن كليهما يسعى إلى فهم البيئة البحرية وحمايتها. فالمعارف التقليدية تقوم على ملاحظات تراكمت عبر الأجيال، وتدمج بين القيود البيئية والمعتقدات الروحية، كاعتبار المحيط كيانًا حيًا يجب احترامه. في المقابل، يعتمد العلم الحديث على أدوات دقيقة لرصد التغيرات المناخية وتحليل البيانات، مما يُمكِّن من فهم التأثيرات العالمية مثل الاحتباس الحراري.

ومع ذلك، لا تزال الفجوة بين المنهجين تمثل تحديًا؛ إذ قد يُغفل العلم الحديث العوامل الثقافية المحلية، بينما قد تواجه المعارف التقليدية صعوبة في مواكبة التحديات البيئية المتسارعة والمعقدة. وهنا تبرز أهمية المنصات المشتركة، كما هو الحال في مشروع أحواض الـ (loko iʻa) في هاواي، حيث يتم دمج التقويمات الموسمية التقليدية مع تقنيات مراقبة الشعاب المرجانية الحديثة، لتقديم نموذج متكامل للإدارة البيئية.

تكامل الرؤى من أجل المستقبل

لا يمكن فصل استدامة المحيطات عن حكمة المجتمعات المتصلة بها. فالدروس المستفادة من النماذج التقليدية – مثل «الرَعْوِي» و«الكابو» – توفر إطارًا ثقافيًا وأخلاقيًا يُثري الجهود العلمية، فيما توفّر الأدوات التكنولوجية الحديثة حلولًا لرصد التحديات العابرة للحدود، كالتلوث البلاستيكي وتغيّر المناخ.

إن تعزيز التعاون بين حَمَلة المعارف التقليدية والعلماء يُعدّ مفتاحًا لبناء استراتيجيات شاملة. وكما أشارت اليونسكو، فإن إشراك الشعوب الأصلية في صياغة السياسات البحرية لا يحقق العدالة الاجتماعية فحسب، بل يُعزز أيضًا من فعالية الحلول المطروحة.

فالمحيطات ليست مجرد موارد اقتصادية، بل ذاكرة حية للبشرية. وإن الجمع بين عمق المعارف التقليدية ودقة العلم الحديث ليس خيارًا، بل ضرورة حتمية لضمان بقاء هذا الإرث المشترك. ففي هذا التكامل، تكمن قوة الحاضر وأمل المستقبل.

تسجيل الدخول حتى تترك تعليقاً